ترتبط العديد من المناسبات في الوطن العربي ، بتقديم أنواع خاصة من الأغذية. ولعل أيام عيد الفطر هي من أهم تلك المناسبات التي يتم التركيز فيها على الأطعمةالمنوعة وتناول الحلوى والمكسرات المختلفة بين الوجبات، ابتداء من صباح اليوم الأولللعيد، متجاهلين أن الجهاز الهضمي، اعتاد في هذا الوقت من اليوم على الراحةالإجبارية لمدة شهر كامل، مما ينتج عنه ما يشبه الصدمة لهذا الجهاز وإرباك في أداءوظائفه.
الاختصاصية نوف علي آل سليمان، الحاصلة على ماجستير في التغذية والمهتمة بدراسةالعوامل الغذائية والصحية المرتبطة بالاصابة بالأمراض المزمنة لدى السيدات ، تؤكدأن هناك العديد من الدراسات التي أثبتت نتائجها أن هناك علاقة وطيدة بين نمط الحياةوالتغذية والرياضة والإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة، التي تعد العادات الغذائيةمن العوامل المهمـة للإصابة بها.
وتوضح أن السلوك الغذائي السليم هو أحد أهم روافد البناء الصحي المحكم، والغذاءالصحي طريق آمن للصحة السليمة، كما أن التغذية غير الصحية من مسببـات الإصابةبالأمراض، وفي مقدمتها ارتفاع ضغـط الدم وظهـور داء السكري والسمنـة وزيـادةالدهـون في الدم والعديـد من الأمراض المزمنـة الأخرى.
خمول بدني
تشير الاختصاصية نوف آل سليمان إلى تأكيد الأطباء والاختصاصين، في المحافلالعلمية، على أن هناك أمراضاً لها أولوية في الرعاية التغذوية، حيث جاء داء السكريفي المرتبة الأولى وتلاه ارتفاع ضغط الدم ثم أمراض القلب
ومن الواضح أن الخمول البدني ، الذي تصل نسبة انتشاره بين سكان العالم إلى حوالي 60%، له دور مشترك مع العادات الغذائية في حدوث معظم الأمراض المزمنة.
وفي العديد من الدول العربية والتي شهدت خلال العقود الثلاثة الماضية تغيراتحياتية كبيرة، ينتشر فيها الخمول البدني بشكل واسع لدى جميع فئــات المجتمع. ومنإيجابيات ممارسة النشاط البدني بانتظام، مع تحسين الحالة الغذائية، الوقاية من بعضالأمراض المزمنة والمشكلات الصحية، وأيضاً زيادة الطاقـــة المصروفة من الجسم،وبالتالي المساهمــة الفعالة في الوقايـة من السمنة والتخلص منها.
عادات غذائية
و تؤكد الاختصاصية نوف آل سليمان على أن التغيير في النمط الغذائي الذي ظهر خلالالعقود القليلة الماضية كان، بلا شك، عامل أساسي في زيادة خطورة الإصابة بالأمراضالمزمنة، حيث نجد أن معظم أنواع الغذاء يحتوي على مقادير عالية من السكريات والدهونالحيوانية، ولذلك أصبح الناس أكثر عرضة للإصابة بهذه الأمراض. وأن زيادة تناولالأملاح بصورة كبيرة يزيد من نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم وزيادة خطورة الإصابةبالجلطة وأمراض القلب ومنها متلازمة الشريان التاجي.
وتضيف بأن كثـرة الاعتمـاد على الوجـبات الغذائية، الغـنية بالسعرات الحراريـةوالمحتويـة على كميات عالية من الدهـون والسكـريات البسيطـة، قد أدت إلى انتشـارالمشكـلات والأعـراض الصحية المرتبطة بنمط الحيـاة المعاصـرة.
السمن والسكر
وتستشهد على ذلك بحلوى العيد التي يتم تحضيرها باستعمال كميات كبيرة من السمنوالسكر، مما يشكل عبئاً وخطراً حقيقياً على مرضى السكري وتصلب الشرايين والقلب،خاصةً إذا ما أفرطوا في تناول الحلوى التي تحتوي على دهون مشبعة بكميات كبيرة. ويتناول البعض هذه الحلوى إلى جانب الوجبة الرئيسية، متناسين القيمة العاليةللسعرات الحرارية لها، مما يساعد على استمرار الزيادة في الوزن المكتسبة خلال شهررمضان.
وتشير أيضا إلى ما تعودت عليه الأسرة العربية، في مثل هذه المناسبة، من تتناولكميات كبيرة من اللحوم مع الرزّ، وتؤُكل هذه الوجبة أكثر من مرة في اليوم الواحدمما يرفع نصيب ما يتناوله الفرد من لحوم بدرجة تفوق احتياجاته بصورة كبيرة.
وإلى جانب الصعوبة التي يواجهها الجسم لهضم هذا الكم من اللحوم، فإن الجسم فيحقيقة الأمر لا يحتاج إلا لكمية محدودة منها والباقي يتعامل معه كأي مصدر آخرللطاقة، أي أنه يتم تخزينه في داخل الجسم. وكحقيقة علمية، فإن قدرة الجسم على تخزينالبروتين محدودة، وعليه يتم تحويلها إلى أشكال أخرى مثل الدهون. وينتج عن عمليةالهضم الغذائي للبروتينات في هذه الظروف كميات كبيرة من اليوريا وحمض اليوريك، ممايؤثر بطريقة خطيرة على مرضى الكلى والنقرس، إلى جانب ارتفاع نسبة ما يتناولهالإنسان من الدهون الحيوانية التي تشكل الخطر لمرضى ارتفاع الكوليسترول بالدم.
ومن خلال ما سبق يتضـح أن للـتغذية والنشاط البدني علاقة بالإصابة بالأمراضالمزمنة لذا يجب على الفرد الحرص على السلوكيات الغذائية السليمة مع ممارسة الرياضةبانتظام.